mercredi 5 mai 2021


                  الثورة بعيون الفن التشكيلي                   

                         نماذج من أعمال الفنان خالد الأصرم                                 

ما أعظم ساعة ينهض فيها الشعب لكسر قيود الاضطهاد و نيل الحرية, و ما أسعد ذلك اليوم الذي انتفض فيه شعب تونس برمته كالسيل العارم معبرا عن سخطه و تبرمه من ذلك النظام التعسفي الذي ساد أكثر من عقدين. لقد أصبحت "ثورة الحرية و الكرامة" رائدة الثورات العربية , و شكلت حدثا هاما سيخلد في صفحات التاريخ على مدى ألازمان.

إن الأزمات و الشدائد التي تمر بها الشعوب في فترات عصيبة من تاريخها, و ما  تسببه من  صراعات  واضطرابات و ما تحدثه من فوضى و تجاوزات, على الرغم من ذلك كله سرعان ما تتحول إلى لقاح فعال يسري بدم جديد في شرايين تلك الشعوب. فكل ثورة يعقبها حالة من الوعي الجماعي ينبع منه الوحي وتتفجر منه الطاقات و تتفتق المواهب, ويكون بذلك حافزا للإبداع و الابتكار في شتى مجالات الفنون و الآداب و دافعا للمبدعين للتعبير عن مواقفهم تجاه الأحداث و الوقائع, سواء منهم الفنانون التشكيليون أو مستعملو الآلة الفتوغرافية أو رجال الأدب أو المسرح أو الموسيقى.

و قد رأينا منذ اندلاع الثورة الحضور الفاعل للفنانين التشكيليين في ساحة الاحتجاج, و قد علت أصواتهم منددين بالأوضاع المتردية التي يعيشها شعبهم, ثم إنهم غادروا فضاء الورشات و الأروقة  و اكتسحوا الأماكن العامة ليرسموا على جدران الشوارع بأسلوب "غرافيتي" مستعملين رذاذ الطلاء, بما يتميز به هذا الأسلوب من الألوان الصارخة و الجاذبية والتعبير القوي, صورا حية توقد طموح المارين المتفرجين و تلهب عواطفهم.

 لقد شهدت هذه الحقبة الزمنية حراكا غير مسبوق للفن التشكيلي, إذ انطلق في أكتوبر 2011 معرض بعنوان "ألوان الحرية تشرق على تونس الجديدة" اجتاح بعض الأماكن العامة بالعاصمة, شارك فيه ثلة من الفنانين المحليين المحترفين و طلبة معاهد الفنون الجميلة بالتنسيق مع الرابطة التونسية للفنون التشكيلية. و من أبرز التظاهرات التي يجدر ذكرها المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين لدورة 2011 الذي أقيم  بقصر خير الدين بتونس بعنوان "من وحي الثورة",  و قد اشتمل على  كم هائل من الرسوم و المنحوتات   والخزفيات و المنسوجات و الصور الفتوغرافية التي تبرز من خلال تعدد مضامينها  و تنوع أساليبها عما شد انتباه المبدعين من المشاهد التي عاينوها و تأثروا بها في خضم تلك الأحداث.

و من بين الرسامين البارزين على الساحة القومية, من الذين تفاعلوا مع محيطهم وعاشوا الانتفاضة الشعبية, فقد انجز الرسام خالد الأصرم بدوره مجموعة من الأعمال الفنية عبر فيها عما  دار في خلده  و ما ارتسم في مخيلته من صور لما شاهده من تحركات وأحداث, و قد صيغت هذه الأعمال الإبداعية بطريقة عفوية و تلقائية, قادتها حماسة الفنان و تأجج إحساسه,  و هي و إن تفردت في مضمونها عن بقية أعماله و اختلفت عنها من ناحية مواضيعها المستمدة من الواقع, إلا أنها عولجت بنفس الطريقة و بنفس الأسلوب الذي اعتاد عليه هذا الرسام و الذي يطغى عليه الطابع التكعيبي, اعتمادا على المساحات الهندسية المسطحة و الخطوط العريضة المتقاطعة  والأشكال المتداخلة و المتمازجة والألوان المتوهجة والمتباينة, مما أضفى على المشاهد المرسومة شيئا من الحيوية والديناميكية, و أحدث فيها من خلال تشابك أنسجتها حركية  التدافع والتجاذب.

 إنها مشاهد ملحمية  تتكون من فضاء عامر بالإيحاءات الرمزية, تفوح بمعاني البطولة والبسالة و الشجاعة, حيث نرى أشباحا لشخوص بشرية, في وضعيات مختلفة, و قد جابوا الشوارع,  مندفعين و محتجين, يهزهم حماس فياض, تارة ملوحين بأيديهم, و تارة حاملين  عصيا و أسلحة أو ناشرين لافتات و رافعين عاليا الراية التونسية, و قد بانت على قسمات وجوههم علامات التشنج وملامح الغضب.

 


                     

 2010 (40x53) "  " الافواه الثرثارة

 



                     

  2010 (40x55) " المناقشة "




         

      2011 (36x51) " ازدحام"




          

     2011 (46x54) " تجمعات "




         

  2011 (30x40) " احتشاد "



          

2011(38x50) " مماحكة "





         

2011 (46x53) " 14 جانفي "






      

2011 (46x54) " إذا الشعب يوما أراد الحياة "






      

2011 (46x53) " نفخات الحرية "




 

      

2011 (46x54) " أنصار الثورة "




       

2011 (46x54) " المتمردون "

 



2011 (50x65) " المتظاهرون "




2011 (46x54) " القضبان "




2012 (45x55)  " إقلاع 1 "






2012 (45x55) " إقلاع 2 "







2017 (42x59) " الحشود الغاضبة "




2017 (50x65) " المجزرة "




2017 (50x65) " ركب الشياطين "




2017 (80x80) " المحفل "




2017 (50x65) " المتزعم "




2017 (45x45) " العصي "





2017 (80x80) " المشاغبون "





2017 (74x74) "المضربون" 




2017 (81x81) " الايادي الممتدة "

 




2018 (70x85) " الجماهير"

 




2019 (72x86) " تصادم "




dimanche 30 septembre 2018

اربعينية الفقيد أحمد الحبيب الجلولي


                                       

                                                         أربعينية الفقيد أحمد الحبيب الجلولي 

                         تخليدا لذكرى أحد رجالات تونس و أعيانها                                                               
                                                "الصباح", الجمعة 13 ماي 2011, ص 8
   

    
                         

طلعة بهية و حسن السمت و رقة في الذوق و أناقة في الملبس, كان يرتدي الزي التقليدي من البرنس و الجبة الموشحة بخيوط الحرير كأحسن ما ترى و يتوج رأسه بشاشية قرمزية عالية القامة تضفي عليه حسنا و بهاء, تلك صفات حبا الله بها فقيدنا الراحل, و ذلك مظهره الرائع الذي كان يظهر به بين الناس. أما من خالطه عن قرب فسيستشف فيه سلامة في الطوية و سماحة في الأخلاق و رجاحة في العقل و علوا في الهمة, مما جعل الناس, خاصتهم و عامتهم, يضمرون له الود و يأثرونه بالمنزلة العالية و الحظوة السامية, كذلك كان في ذاته و نعوته و كذلك كانت مكانته عند كل من عرفه من قريب أو بعيد.

لقد فارقنا سيدي أحمد الجلولي منذ بضعة أسابيع ملبيا داعي ربه, و لقد كان حقا طوال حياته, لا سيما في الظرف الذي كادت فيه القيم أن تتداعى و عرى الثوابت أن تنحل, بمثابة القدوة لكل من تاقت نفسه إلى تهذيب في السلوك و اتباع لما تمليه قواعد العرف المقرر المرضي, لقد ساهم في إعطاء صورة مشرقة عن الشخصية التونسية المتكاملة, فكان رمزا للأصالة و للتربية العالية بأتم معناها, يتحلى بجمال الشكل و حسن المظهر و تصرف لائق مع الناس و ملازمة لقواعد السلوك المهذب و آداب الكلام, كل ذلك كان فيه سجية لا استعمال فيه و لا تصنع, بل كان متلائما مع طبيعته ممتزجا مع سمو ذوقه و رفاهة حسه, متناسقا مع حياته و بيئته. فكل من شاهده على تلك الصافات لا يلبث أن يغمره شعور قوي بالاعتزاز بهذا الوطن الذي أنجب هذا المثل العالي من الرجال و بشرف الانتماء إلى هذه الحضارة التي شعت بأبهى معاني العبقرية بما أرست من عادات أثيلة و قيم نبيلة.

أجل, لقد كانت شخصيته الفذة نابعة من جذور الماضي متمسكة بعراقتها متغذية بثقافتها, فكان لديه من الحيوية و الاعتناء بالموروث الحضاري و شديد الحرص على صيانة و إنقاذ ما يوشك أن ينجرف منه مع تيار التطور الساحق, كان يعتبر و أن آفة المستقبل الانصهار في بوتقة العولمة و ذوبان الذات, و أن ما يضمن تدعيم الهوية و تأصيل المكاسب الثقافية هو الحفاظ على التراث القيم و محاولة إبقائه على خصوصياته و ما يتمتع به من مميزات و تفرد, و بذلك يكون مظهرا صادقا للشعور القومي و تمكينا للوحدة القومية في الأجيال المتعاقبة.

بيد أن شخصه المتميز الذي كان ينفرد بطابع عربي أصيل قد تشبع في الوقت نفسه بالعلوم و المعارف الغربية و استقى من فنونها و آدابها, و لا ننسى أنه قد زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة قرطاج و الثانوي بمعهد كارنو فكان يجيد اللغة الفرنسية إجادة كاملة, مما جعله متزامنا مع العصر بما يفرضه من حداثة و انفتاح.

 لقد أسعدني الحظ أن عرفته مليا, لما كانت تربطني به من أواصر المصاهرة و الصداقة, لا سيما و أني غالبا ما كنت ألتقي به عند زياراتي المتكررة إلى دار ابن عاشور, فكنت أشاطره الود و أقاسمه المحبة الخالصة لهذه العائلة الكريمة التي ما فتئت تجمعنا برواقها العلوي و ببستانها الزاهر بضاحية المرسى فتغمرنا بفيض رعايتها و سعة كرمها. كنت من بين الملتفين حوله بآذان مصغية إلى عذب كلامه, و كان خفيف النفس ذا دعابة و طرافة, و لا يسعني المجال في هذه العجالة أن أتحف القارئ بنبذ من الملح و النوادر التي حكاها و التي بقيت عالقة في ذهني.  
   

                                        


آخر صورة للسيد أحمد الجلولي وهو جالس بالمكتبة العتيقة الكائنة بنهج جامع الزيتونة و التي كانت منتدى العلماء و الأدباء, التقطها زميلنا صلاح الدين ابن عبيد قبل وفاة السيد أحمد الجلولي ببضعة أسابيع.


 لقد أضحى زينة المجالس و بهجة المحافل يلقى من قبل مضيفيه غاية الرعاية و التبجيل, كان لا يتخلف عن المنتديات و المحاضرات, و يتردد صبيحة أيام الخميس بصفة منتظمة إلى "المكتبة العتيقة" لصاحبها الشيخ علي العسلي أمين سوق الكتبية حيث يتلاقى مع نخبة من أهل الفكر يستأنسون بحديثه, و كان إذا اجتمع مع الملإ من الناس سرعان ما يأخذ بألبابهم و يشنف آذانهم فيسوق لهم ببالغ الدقة و منتهى التفصيل الأحداث و الوقائع لا يخطئ في ضبط تاريخها و لا يتلعثم في ذكر أسماء الأفراد أو الأمكنة الواردة في كلامه, و كان يستحضر فقرات برمتها من محض ذاكرته مما يدل على سعة اطلاعه على الكتب و المجلات العربية منها و الفرنسية التي كان حريصا على جمعها و المتعلقة بالتاريخ التونسي عامة و بالدولة الحسينية خاصة, ناهيك أنه كان يحفظ عن ظهر قلب جانبا من كتاب "الاتحاف" لابن أبي الضياف, و هذه المعرفة الجيدة بالأخبار السالفة و الأيام الماضية نجده قد تلقاها منذ نعومة أضفاره عن الوسط الذي تكون فيه و تطبع بآدابه, قال ابن أبي الضياف عن جده الأعلى محمود بن بكار الجلولي (المتوفى سنة 1893) : "و له معرفة تامة بالتاريخ", فكان حفيده كذلك كان المؤرخ اللبق, حديثه كما أشرنا متعة للسامع, بعيد عن العرض الجاف, تتخلله النكت الرقيقة و تنعشه الذكريات التي عاشها بنفسه أو حضرها مع مشاهير معاصريه, فينقل محاوراتهم و يبين مواقفهم و يرسم عنهم صورا حية ناطقة يصفهم كأنك تراهم رؤية العين.

لقد كانت له على الخصوص خبرة و دراية بالتقاليد ومواسم الأعياد و المناسبات عند أهل الحاضرة, فكان مرجعا لا غنى عنه يأوي إليه كل من أراد البحث في ما يتعلق بالمدينة العتيقة من دقائق العادات و التراتيب الجارية في الأفراح و الأتراح  و نسق العيش و حذق المهن و الصنائع و فن العمران و إشادة المعالم... و بالمناسبة فقد حثني على الاطلاع على كتاب حين صدوره سنة 1994 عن دار النشر ساراس, للأديب و الرحالة محمد بن عثمان الحشائشي (مؤلف "تاريخ جامع الزيتونة"), و عنوان الكتاب "الهداية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية", قال لي ستجد فيه من المعلومات الوافية عن حياة المجتمع وعوائده, و من التفاصيل التي أهملها المؤرخون ولم يعنوا بها و اكتفوا بذكر أحوال الملوك و الدول, في حين أنها في حد ذاتها, رغم ما يبدو من تفاهتها, يمكن أحيانا أن تسعف المؤرخ و أن تكون له مستندا لإجلاء الالتباس عن بعض الجوانب لأحداث تاريخية هامة.

كانت لا تفوته أية شاردة و لا واردة فيما يتعلق بالكتب و المخطوطات المتفرقة في شتى المكتبات العامة أو الخاصة. و قد حدثني عن بعض المؤلفات التي استأثرت بها مكتبتنا العائلية, و ذكر لي على الخصوص مخطوطة قديمة تشتمل على كتابين اثنين, عنوان الأول "جر الذيل في علم الخيل" و عنوان الثاني "كتاب الخيل و السراج و اللجام" لمؤلفهما أبي عبيدة النحوي معمر بن المثنى التيمي بالولاء (المتوفى سنة 209 \824), و أكد لي أن هذه النسخة فريدة من نوعها و لعلها لا يوجد لها نظير, و لما أعلمت بذلك والدي طيب الله ثراه أخرج لي هذه المخطوطة العجيبة من ناحية التزويق و رونق الخط و ما تحويه من رسوم تخطيطية لأنواع السرج و الرّحالة و العذار و اللجام ولوازم ركوب الخيل, و أعلمني أن هناك نسخة خطية أخرى موجودة بالهند, وأن الباحث و المحقق المرحوم محمد التركي (مدير التشريفات بالقصر الملكي سابقا) و الذي كان صديقا للعائلة, قد استعار المخطوطة وأتاح للمكتبة الوطنية بباريس استنساخها فتوغرافيا, و تبين بعد ذلك أن المخطوطة الهندية قد تم طبعها لأول مرة سنة 1358\1932. و لا شك في أن اهتمام السيد أحمد الجلولي بهذه النسخة بالذات ناتج بصفة خاصة عن الهواية التي اشتهر بها, على غرار ما كان عليه والده من حب الفروسية و ركوب الخيل العتاق, و هي هواية قد تعاطاها و برع فيها منذ شبابه, فكان ديدنه أن يجمع بين الاقبال على مطالعة الكتب و رياضة الفروسية و هما خير ما يشغل به الوقت كما عنى به المتنبي في قوله :

               أعز مكان في الدنا سرج سابح    و خبر جليس في الأنام كتاب  

و في محبة الخيل العتاق و التعلق بها يقول ابن عباس رضي الله عنه :

               أحبوا الخيل و اصبروا عليها       فإن  العز  فيها  و الجمالا
               إذا  ما  الخيل  ضيعها  أناس       ربطناها  فشاركت  العيالا
               نقاسمها  المعيشة   كل  يوم         و نكسوها البراقع والجلالا   

كان معروفا بكرم الوفادة و أدب الضيافة, يرحب بمن يزوره في قصره الفسيح الكائن بنهج الغني بحي باب المنارة بالعاصمة, و الذي ظل منذ عهد قديم مقر آبائه و أجداده, قال عنهم صاحب الاتحاف : "من البيوت المشهورة و آثارهم مأثورة و رسوخ قدمهم في الخدمة من لدن بني حفص", و قال عنهم العلامة الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور في "تراجم الأعلام" (وهو ابن خال مترجمنا) : "بيت من أعرق البيوت التونسية في المجد المخزني و أرسخها قدما في الرئاسة (...) تسلسلت فيه الولايات الكبيرة و المناصب الخطيرة من عهد الدولة الحفصية". و قد نشأ صاحب الترجمة بين يدي والده السيد الحبيب بن علي بن فرحات  الجلولي الذي أولاه الرعاية و العناية و التربية الصالحة, فكان له في والده صبابة و اعتزاز, و قد تولى هذا الأخير منصب وزير قلم ثم وزير عدل في مدة محمد الأمين باي, و أم مترجمنا هي سارة شقيقة الامام المنعم الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور صاحب "التحرير و التنوير".

و من عادته أنه كان يمد كل من يتوجه إليه من الدارسين و المؤلفين بما يهمهم من الوثائق الفريدة و الكتب النادرة التي احتوت عليها مكتبته الغنية بالنفائس. و قد جمع من الوثائق و الأرشيف كما هائلا و جعله على ذمة الباحثين فيستنسخ لهم الوثيقة التي يحتاجونها و لا يتقاضى على ذلك أي مقابل, و قد سبق أن  كنت توسلت لديه لبعض الطلبة النابهين ممن أشرفت على أطروحاتهم الجامعية في اختصاص الفنون و الحرف, و التمست منه مساعدتهم فلبى الطلب و أمدهم بما لا يستغنون عنه من المراجع, هكذا كان دأبه يكرم طلاب العلم غاية الاكرام, حتى أنه لا يكاد يصدر كتاب أو تأليف يكون له مساس بتونس و بتراثها العلمي أو المعماري أو الفني بصفة عامة إلا و يدبج اسم أحمد الجلولي في قائمة الاهداء أو الشكر و الثناء, و إكرامه لأهل العلم كما قلنا كان تأسيا بآبائه فهي عادة عندهم مألوفة, قال ابن أبي الضياف عن جده محمود الذي ذكرناه آنفا : "و له كتب بداره في الحاضرة لا يمنع من يريد الانتفاع بها" و يضيف المؤرخ قائلا : "و هي التي انتفعت بها في قراءتي أجزل الله ثوابه".




              مناسبة افتتاح مشربة الحديقة 2 : السيد أحمد الجلولي و بجانبه السيد عبد العزيز الاصرم رئيس النادي الافريقي 


لقد أمست دار الجلولي في حياة سيدي أحمد في أبهى حلة, كانت مقصد الزائرين من أهل الفكر و السياسة و السفراء و الدبلوماسيين, و كان يطلع زواره على ما لديه من التراث العائلي القيم, و جعل من قصره متحفا مزدانا بالأثاث العتيق , غنيا بالطرف الثمينة و القطع الأثرية و المخطوطات المعتبرة, مما يقدم مشهدا حيا عما كان عليه منذ زمان نمط العيش في قصور المدينة, و من المأمول أن يبقى هذا القصر البهيج على حالته تلك و أن يحافظ على كل ما يحتويه من الأمتعة و التحف و أن لا تحول من أمكنتها حتى تبقى على الدوام أثرا ملموسا  و شاهدا على صاحبها, و لقد أحسن القائل :

                      آثاره تنبيك  عن   أخباره    حتى  كأنك   بالعيان  تراه.

       





                                                                       بقلم خالد الأصرم, سكرة, الخميس 14 أبريل 2011